تأليف الطالبة : شذا العدوي

أين أنت الآن؟،في منزلك؟، وإذْ ابتعدت أكثر وأكثر، ستقول: أنك في كرتنا الأرضية، حسناً، إذا ابتعدَ نظرك أكثر سترى أنك في حافة مجموعتنا الشمسية وتحيط بك نجوما وكواكب سيّارة، فنحن الآن على متن الكرة الأرضية، وهي كوكب من بين ثمانية كواكب أخرى تدور حول نجم كبير(الشمس) في مجموعتنا الشمسية، فلو ابتعدنا كثيرا سنرى هناك مجموعات شمسية أخرى مشابهة لمجموعتنا الشمسية، وجميع هذه المجموعات الشمسية تشكل مجرتنا *درب التبانة*. إن مجرتنا العظيمة تتزين بأكثر من مائتي مليار من النجوم والتجمعات النجمية ،ويقدر العلماء قطرها بحوالي 100 ألف سنة ضوئية. فهل سبق لك ورأيت السماء وهي تشع بضياء النجوم والشهب؟،إن كل هذه الكتل والنجوم التي تلمع بعينك فقط لمجرتنا!،فمجرتنا، درب التبانة أو الطريق اللبني عبارة عن مجرة تتخذ شكلا حلزونيا، وسميت بهذا الاسم نسبة للنور الأبيض الخافت الذي يبدو كطريق أبيض من اللبن عندما يرى في الليالي الصافية. ونحن الآن بمجموعتنا الشمسية نعيش في حافة هذه المجرة اللبانة. هل اندهشت؟، ولكن هذا ليس كل شيء، فكوننا يفوق تصور مخيلتك، فدعونا نسبح في أعماق كون معجز، كون لا حدود له ،ملئ بمصابيح وكواكب تُزين لِباس المجرات العظيمة، إنه يحمل مليارات من المجرات والتي تتجمع سويا مكونة تجمعات مجرية وبناء أكبر يسمى العناقيد المجرية والتي هي جزء أكبر أيضا لعناقيد أكبر تسمى العناقيد *المجرية العملاقة* وهذه للآن أكبر تركيب استكشف في الكون. فما أعظم هذا النسيج الكوني!. الآن بكل تأكيد أصبحت متشوقا لمعرفة المزيد من أسرار كوننا.

إذا رأيت عاليا فقد ترى جزءًا من مجرتنا كحزمة من النجوم إذا توفر صفاء السماء، ولكن لا تتأمل كثيرا برؤية المجرات الأخرى؛ فهناك مسافات شاسعة وسنوات ضوئية تعادل المليارات، بين مجرة وأخرى. والسنة الضوئية هي وحدة قياس تستخدم للمسافات الكبيرة كالمسافة بين النجوم والأرض، وتعرف السنة الضوئية على أنها المسافة التي يقطعها الضوء في السنة الواحدة(سرعة الضوء 300 ألف كيلومتر\ثانية). فهل تصورت معي هذه المسافات البعيدة جدا، وكم من مليارات السنوات تحتاج لنضع أقدامنا على سطح كوكب من مجرات أخرى تجاورنا؟. ولكن استطاع العلماء مشاهدة هذه المجرات المبهرة بتقنية تلسكوبات، وصوروا  لنا أشكال هذه المجرات، وقاموا بإطلاق اسم لكل مجرة تبعا للشكل الذي تتخذه. والآن لنلبس أحزمتنا ونتجول بين هذه المجرات ونتعرف عليها. لنقف مع محطتنا الأولى وهي: المجرة الإهليجية، وهذه واحدة من أهم ثلاث مجرات في الكون. تهيج هذه المجرة بشكلها البيضاوي ،فتقل بها النجوم والغبار. وعلى بعد مئات السنوات الضوئية، يتصور لك حلزون ملتف بشكل لولبي، فهذه المجرة الحلزونية. وتعد هذه المجرة من أكثر المجرات انتشارا في الكون الواسع، حيث تصل نسبتها إلى الثلثين. وهناك نوعان آخران للمجرات وهما: المجرة العدسية ،وهذه المجرة يكون شكلها مثل العدسة تنتفخ نواتها إلى جوانبها، وهناك المجرة الغير منتظمة، وهذه عشوائية الشكل فليس لها شكل معين، وتحتوي هذه المجرات على سحب غازية متلبدة ،ولمعان الأزرق في النجوم. وقد تلاحظ أن معظم هذه المجرات تدور حول مركز في الوسط، هذا المركز عبارة عن ثقب أسود، فالثقب الأسود هو منطقة في الفضاء تحتوي كتلة كبيرة في حجم صغير، وبفعل الجاذبية فإنه يمتص الضوء المار بجانبه. وهكذا ندرك إعجاز خالقنا وقدرته.

 وهنا تكون انتهت رحلتنا في جوف الكون، فليقف خيالنا ونتذكر أننا لا زلنا في سطح الأرض، وكوكبنا ليس سوى حبة رمل صغيرة في صحراء الكون الوسيعة ، ولكن لا زال الكون يحمل أسرارا أخرى تحتاج عقل مفكر وعين لا ترى المستحيل. فتدبر، وتأمل بجواهر كوننا، لتصل ما وصله *جاليلو جاليلي* وغيرهم من علماء الفلك العباقرة.