

تأليف الطالبة : شذا العدوية
سعادة وأمان تملأ قرية ضيقة المساحات والمباني، واسعة القلوب، يسودها الحب والاتحاد، فكانت جدرانها الضيقة المتلاشية تجمعهم على الحب والتعاون، وكانت حياتهم بسيطة، هادئة لا تعرف الكسل والخمول. ولكن كان من بين هذه البيوت المتهدمة بيتا عالِ القوائم، يغطي سماء القرية، قصر كبير تسكن فيه أسرة *حورية*. وكانت هذه الأسرة لا تسأل عن أحوال قريتهم، ولا تعاشر أفرادها، فكانوا مبتعدين عنهم ولا يساعدونهم بأموالهم وثروتهم الكثيرة بأشياء تعون أفراد قريتهم الفقراء. لكن تفاخر هذه العائلة لم يؤثر على نفوس السكان، فقد كانوا يحبونهم ويكرمونهم بخيرهم الذي لا يساوي شيئا من ثروة الأمير. وقد كان البيت الذي يسكن بجوار قصرهم، يحاول جاهدا لإدخالهم في قلوبهم حب الفقراء البسطاء، لتعم المحبة بينهم، ولكن بكل تأكيد الأمير القصر يرفض مصادقة ومعاشرة أشخاص ليسوا من مقامه.
والآن لنرى ما بداخل هذا القصر الكبير، ونتعرف على أفرادهم: حورية، هي البنت الكبرى لأمير وأميرة القصر، والتي لم تحظى بالحب والاهتمام الذي حصل عليه أخيها *منذر*، فقد كان الوالدين يدللان ابنهما الأصغر بالألعاب والهدايا، فكان هو المفضل دائما، فكانت *حورية* وبكل تأكيد تنزعج كثيرا من هذا الموقف. كانت كلما ذهبت لوالدتها لكي تنام بين أحضان يديها، التي تلهف إليها كل يوم، فتقول لها أمها: ماذا تريدين يا حبيبتي؟، هل تنقصك أغراض؟، خذي جميع هذه الأموال وأشتري ما تريدين. وتنصرف *حورية* إلى غرفتها والغضب يملأ جفون عينيها التي امتلأت بريقا من الدموع وهي تقول بصراخ وغضب: لا يا أمي، أنا لا أريد أموالا ولا هدايا، لا أريد سوى حبك وحنانك، أريد رعايتك واهتمامك يا أبي، أريد وحدة هذه العائلة تعود، أريد العيش في سقف غرفة واحدة، ضيقة تجمعنا جميعا، نعم، أنا أفضل أن نكون فقراء أموالا، وأغنياء حب وكرامة، فلماذا قصر وأموال وفخامة؟. الثراء والأموال تنسي الأم حنانها لأبنائها واعتنائها بهم، وتجعل الأب ينشغل بأعماله وينسى بأن هناك ابنة تحتاج قربه. فليتني فقيرة لتكون حياتي بسيطة، هادئة، وسعيدة لا تعرف التكبر والتفاخر. فحقا في الفقر سعادة!. وبعد أن هدأت *حورية* تذكرت بأنها كانت تشكي وتصارخ في قلب أربع جدران غرفتها الفخمة التي لا تملك قلبا يحس لتبادلها شعورها، فلم سمعها أحد ليخفف من وجع قلبها المتحسر على حال أسرتها. ولكن صبرت وحاولت جاهدة بتغيير نظرتها لفقراء قريتهم وعونهم، ثم تسعى لتغيير نفوس والديها لتكون مصدر عون وتقدم للمجتمع.